أكرر اعتذاري لشيخي الكريم، وأدعو الله أن يُمكّنني من لقياه للاعتذار له.
وكان للشيخ الحصين مقولات منها "ربما يكون ريتشارد نيكسون أذكى رئيس أميركي في العقود الأخيرة وأكثرهم حنكة سياسية وأوسعهم ثقافة قد نشر كتاباً قبل وفاته بأسبوعين، قال فيه إن الإسلام عقيدة قوية لأنه يستجيب لحاجات الروح وليس لحاجات الجسم فقط، والعلمانية في الغرب لا تستطيع أن تغالبه، وكذلك العلمانية في العالم الإسلامي، وإن حقيقة أننا أغنى وأقوى دولة في التاريخ هذا لا يكفي، ما سوف يكون حاسماً هو قوة الأفكار العظيمة". يقول عنه الشيخ الدكتور عبدالرحمن السديس، الرئيس العام الحالي لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي: "هو شيخ هُمام، وعَلَم من كبار الأعلام، كريم الأخلاق بسَّام. لقد قدم شيخنا لدينه وولاة أمره وبلاده أعمالاً جليلة، تزيد على نصف قرن من الزمان، فكان فيها مثالاً للعطاء المتدفق".
يقوم معالي الشيخ الحصيِّن بدور بارز في مجال الدعوة الإسلامية ليس من خلال دعوته إلى التمسك بالتعاليم الإسلامية القائمة على الحق والعدل والمساواة فحسب، ولكن أيضاً من خلال دعوته للوسطية في الإسلام والتعايش بين المسلمين وغيرهم. وهو إلى جانب ذلك من القائمين على أعمال البر. فقد شارك في تأسيس عدد من المؤسسات الخيرية الإنسانية وإدارتها، ومنها: جمعية المدينة المنورة للخدمات الاجتماعية التي ابتكرت برامج للخدمة الاجتماعية واحتذت بها الجمعيات الأخرى. مؤسسة المستودع الخيري بالمدينة المنورة التي نجحت في تقديم مختلف أنواع الخدمات الاجتماعية والإعانات الأسرية للمحتاجين. عضو هيئة كبار العلماء الشيخ الحصين: ما ورد في القرآن الكريم والسنة يحرّض المسلم على قبول الآخر. الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية التي عُرفت بنشاطها الكبير في مجال العمل الإنساني العالمي دون تمييز بين المحتاجين بسبب العرق أو الدين أو الموطن. أما في مجال الفكر فقد ظلَّ معاليه يساهم بنشاط في مجال "المصرفية الإسلامية"؛ وذلك من خلال كتابة المقالات وعقد الندوات وإلقاء المحاضرات في محاولة لتصحيح مسار المصارف الإسلامية، ومقاومة انحرافها عن وظيفتها المميزة؛ أي التعامل بالنقود لا في النقود، كما رسمها المنظرون الأولون للمصرفية الإسلامية، وتحقيقها المبادئ القرآنية للتعامل في المال بأن يكون قياماً للناس، وأن لا يكون دولة بين الأغنياء منهم، وأن لا يُظلم فيه الناس ولا يظلمون في مجال العمل.
وأغرب ما سمعته عنه حدثني به أحد أكابر العمل الخيري في بلادنا، حيث اعتقل أحد العاملين بالعمل الخيري في الخارج-المغلق حاليا- وكان هذا المعتقل مرتبط بالشيخ الحصين ارتباطاً وثيقا، فذهب بعض زملائه للشيخ الحصين طالبين شفاعته، فأخرج لهم الشيخ كتاباً مرسلاً منه لوزير الداخلية آنذاك يقول فيه ما ملخصه: ما تنقمون من فلان الذي اعتقلتموه؟ إن كان أخطأ فأنا أحق بالسجن منه لأنه كان يأتمر بقولي وكنت( المحرض)له! فأطلقوا سراحه واسجنوني مكانه! ووقَّع الكتاب باسم شريك فلان(أي المعتقل) في العمل الخيري!
اللهم هون برد الشتاء, 2024