ولكن، ما يُميّزهم، أنّهم كقلّتهم رغم كثرتهم، أو قُل قلّتهم أفضل منهم، فهم كُثْر ولا خير يُرجى منهم. من هذا المنطلق، تُصور القصيدة نقمة الشاعر على المجتمع الذي تَشوّه فيه الإنسان وشوّه كل شيء. شعر عن الماضي الجميل - YouTube. ولذلك، ليس غريبا أنّ يتدفّق حنين الشاعر إلى الماضى الجميل في كثير من قصائده. فهو يعيش مغتربا في عالم يُحبّه ويكرهه في آن معا، عالم حاول أن يتخلّص منه بالشعر، لكيلا يفقد هو صلته بالحياة، لأنّ الشعر عنده هو الموسيقى الخالدة، إنّه موسيقى الروح. كابول 4/5/2015
مواضيع كثيرة يطرحها الشاعر لا يتسع لها هذا المقال. ولكن، لا بد في النهاية من وقفة قصيرة مع القصيدة التي يحمل الديوان عنوانها، "إخوتي سبعة عشر" (ص 12). تقول القصيدة في مطلعها الإيحائي الجميل، وفي بعض مقاطعها: عندما يغيب القمر / يخرج الذئب من وكره / بأناة وحذر / يعلن الحرب، ……. الخوف ينتشر / والروح تحتضر / الخالق في إجازة / الوطن يئن، …… إخوتي سبعة عشر / لكنهم يردّدون / كل صباح ومساء / هذا هو القضاء والقدر …. يتقنون اللعب على الحبلين / واحد أعلن أنه صائم وآخر يعلن أنه عاف الحروب / سئم الهزائم / مل الانكسار وآخر أعلن سلفا / أنه لا يتقن اللعب / لعبة التخريب والدمار وآخر قد أوصد الباب على حريمه / يمارس الجنس على أصوله / وآثر الإنكار وآخر … وآخر … غدار والحبل يا أخوتي الأفاضل / بفضلكم / على الجرار إخوتي قد انشغلوا / بلعبة قديمة / "كيف نتخذ القرار؟". لا أدري لماذا اختار الشاعر هذه القصيدة بالذات ليحمل الديوان اسمها، ولا لماذا اختار هذا العدد بالذات، (17)! ما أفهمه من القصيدة أنّه وظّفه للدلالة على التكثير. فإخوته كما يُفهم من القصيدة كُثْر، أكثر من إخوة محمود درويش في قصيدته "أنا يوسف يا أبي".
يقول في بداية القصيدة: "قبل ألف من الزمان وأكثر / كان لي وطن / أسموْه "بلاد العرب" / يعجّ بالخلائق / يسوده الوئام / خيراته من عقيق وذهب / العدل كان سيدا كريما / يُمارس الحياة / وله ذوق رفيع وأدب" (ص 7). ولكنّه ينتهي في القصيدة إلى الحاضر الذي فيه "أصبحنا / بلا حسب / بلا رأي / بلا فكر / ولا حتى نسب" (ص 11). وفي قصيدة "الأرض" (ص 18) يقول: "أحلّق في الفضاء / أبحث عن أقصوصة / تُعيد لي لون الحياة / تفتح لي ماضي الإباء / تُعيد لي معنى الضياء / ما زال في القلب نبض / يُناجيني، يُحاورني / يفتح لي سقف السماء، أطرق أبواب ذاكرتي / أفتّش عن حكاية / من حكايات أبي / من ماضي البراء والشقاء". الوطن الوطن في قصائد يزيد عواد إمّا أن يكون موحّدا شاملا، يشمل العالم العربي والأمّة العربية جميعا، أو ثلاثي الأبعاد هي: طمرة، مدينة الشاعر ومسقط رأسه، وفلسطين، الأرض المغتصبة والوطن السليب. والعالم العربي المترامي بين المحيط والخليج. في بعض قصائده، لا يُحدّد الشاعر الوطن ولا يُشير إلى بُعد واحد من أبعاده. كأنّب به يريد أن يقول للمتلقي أن مضمون القصيدة يُلائم الوطن شاملا أو في أيّ بُعد من أبعاده الثلاثة مجتمعة أو منفردة.
اللهم هون برد الشتاء, 2024