drivingchallenge.com

تفسير: (لعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين)

June 3, 2024, 2:13 am

[ سورة الشعراء: 3] ( لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ) أي: مهلكها وشاق عليها، ( أَلا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) أي: فلا تفعل, ولا تذهب نفسك عليهم حسرات, فإن الهداية بيد الله, وقد أديت ما عليك من التبليغ، وليس فوق هذا القرآن المبين آية, حتى ننزلها, ليؤمنوا [بها], فإنه كاف شاف, لمن يريد الهداية...

فلعلك باخع نفسك على

معنى باخع: قاتل نفسك أو مهلكها. يقول تعالى "فَلَعَلَّكَ بَٰخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَىٰٓ ءَاثَٰرِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُواْ بِهَٰذَا ٱلْحَدِيثِ أَسَفًا".

فلعلك باخع نفسك على آثارهم

وبخصوص ما ترينه على إخوتك من فعل منكرات: فلا تعنفي عليهم، وتلطفي في الإنكار عليهم، وحاولي تقوية إيمانه ودينه؛ فإن من شأن ذلك أن يتخلص هو بنفسه من أفعال السوء والمنكر. – ونسأل الله تعالى أن يوفقك لما فيه رضاه، وأن يهدي أهلك جميعاً للبر والتقوى. والله أعلم.

فلعلك باخع نفسك على آثارهم معنى

لطيفة يوسفي المطلب الأول: الأثر في اللغة تعددت المعاني التي حدد بها الأثر في اللغة، ولبيان ذلك نورد النقول التالية: ففي (مقاييس اللغة) لابن فارس" (أثر) الهمزة والثاء والراء، له ثلاثة أصول: تقديم الشيء، وذكر الشيء، ورسم الشيء الباقي. قال الخليل: لقد أثرت بأن أفعل كذا، وهو هم في عزم. وتقول افعل يا فلان هذا آثرا ما، وآثر أثير، أي: إن اخترت ذلك الفعل فافعل هذا إما لا. قال الخليل: والأثر بقية ما يرى من كل شيء وما لا يرى بعد أن تبقى فيه علقة. فلعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين. والأثار الأثر، كالفلاح والفلح، والسداد والسدد. قال الخليل: أثر السيف ضربته. والأثارة: البقية من الشيء، والجمع أثارات. " [1] وفي (لسان العرب) لابن منظور " الجمع آثار و أثور، وخرجت في إثره وفي أثره أي بعده،واتثرتهوتأثرته: تتبعت أثره، عن الفارسي، ويقال، آثر كذا و كذا بكذا وكذا أي اتبعه إياه، و منه قول متمم بن نويرة يصف الغيث: فأثر سيل الواديين بديمة ترشح وسميا من النبت خروعا. أي أتبع مطرا تقدم بديمة بعده. " [2] وفي (القاموس المحيط) للفيروز ابادي " نقل الحديث وروايته، كالإثارة والأثرة، بالضم يأثره و يأثره و إكثار الفحل من ضراب الناقة، و بالضم: أثر الجراح يبقى بعد البرء، وماء الوجه، و أثر على أصحابه كفرح، فعل ذلك. "

والسبب في نزول هذه الآية أنّ وفد نجران الذين نزل فيهم صدر سورة آل عمران فهموا دعوة النبي لهم بالدخول في الإسلام على طريقتهم المعتلة، فقالوا: يا محمد أتريدنا أن نعبدك؟ ففهم النبيّ صلى الله عليه وسلم أنّ القوم متأثرون بمنهجهم السقيم، فقد عبدوا المسيح عليه السلام من قبل، وهو منهج مناف لمنهج التوحيد الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم، والذي جاء به جميع الأنبياء بما فيهم المسيح عليه السلام، فقال: معاذ الله أن أدعوكم إلى عبادة غير الله تعالى، أو كما قال؛ فنزلت الآيتان. وقد وردت عن العلماء من لدن الصحابة والتابعين ومن بعدهم إلى يومنا هذا عبارات متباينة في تفسير كلمة "ربانيين" فاتجه بعضهم إلى تحرير الجذر اللغويّ؛ فقرروا أنّ الربانية جذرها كلمة "ربّ"، فهي نسبة إلى "ربّ" مع زيادة الألف والنون، وزيادة الألف والنون هنا لها دور بلاغي لعله إكساب اللفظ فخامة، فبدلا من أن نقول ربيّ نقول رباني، وبدلا من أن نقول ربيون نقول ربانيون، فعلى هذا يكون الربانيون هم المنسوبون إلى الربّ تبارك وتعالى، وتكون الربانية هي الانتساب إلى الربّ. لكن بأي سبب ينتسب الربانيون إلى الربّ تبارك وتعالى؟ هنا يأتي دور التفاسير التي لم تركز على الجذر اللغويّ لافتراضها استقراره من حيث الأصل، وذهبت وراء الوصف الذي يميز الربانيين، فقال بعضهم: كونوا ربانيين أي: كونوا علماء حكماء، وقال آخرون: علماء أتقياء، وقال آخرون وآخرون كلاما قريبا من هذا وذاك، لكنّ الذي نستفيده من جملة ما قالوه أنّه بغير العلم لا تتحقق هذه النسبة، وبالعلم وحده لا تتحقق، إنّما لابد من اجتماع العلم والعمل، العلم والتقوى، العلم والحكمة.

اللهم هون برد الشتاء, 2024

[email protected]