ولما ورد ماء مدين وجد عليه أمة من الناس يسقون ووجد من دونهم امرأتين تذودان قال ما خطبكما قالتا لا نسقي حتى يصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير فسقى لهما ثم تولى إلى الظل فقال رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير يدل قوله ولما ورد ماء مدين أنه بلغ أرض مدين ، وذلك حين ورد ماءهم. والورود هنا معناه الوصول والبلوغ كقوله تعالى وإن منكم إلا واردها. والمراد بالماء موضع الماء. وماء القوم هو الذي تعرف به ديارهم ؛ لأن القبائل كانت تقطن عند المياه وكانوا يكنون عن أرض القبيلة بماء بني فلان ، فالمعنى: ولما ورد ، أي عندما بلغ بلاد مدين. ويناسب الغريب إذا جاء ديار قوم أن يقصد الماء ؛ لأنه مجتمع الناس فهنالك يتعرف لمن يصاحبه ويضيفه. و " لما " حرف توقيت وجود شيء بوجود غيره ، أي عندما حل بأرض مدين وجد أمة. ثم تولى إلى الظل - ملتقى الخطباء. [ ص: 99] والأمة: الجماعة الكثيرة العدد ، وتقدم في قوله تعالى كان الناس أمة واحدة في البقرة. وحذف مفعول " يسقون " لتعميم ما شأنه أن يسقى وهو الماشية والناس ، ولأن الغرض لا يتعلق بمعرفة المسقي ، ولكن بما بعده من انزواء المرأتين عن السقي كما في الكشاف تبعا لدلائل الإعجاز ، فيكون من تنزيل الفعل المتعدي منزلة اللازم ، أو الحذف هنا للاختصار كما اختاره السكاكي ، وأيده شارحاه السعد والسيد.
في أبوابٍ من المعروفِ لا تحصى، وفي طُرُقٍ من الإحسانِ لا تُحَد.. نَفْعٌ بالمالِ إن كانَ له في المالِ مَدَدْ، ونَفْعٌ بالجاهِ إنْ كَانَ لَهُ فِيهِ مُرْتَكَزٌ وسَنَدْ، ونَفْعٌ بالعِلْمِ ــ في أيِّ فَنٍ ــ إن كانَ لَهُ في العِلمِ أركانٌ وَعَمَد. نَفْعٌ في شتى الأمورِ.. صَغِيْرِها وكبيرِها، جليلِها وحقيرِها، تَيْسِيْرٌ لمطالِبِ العبادِ، وقضاءٌ لحوائجهم، وتذليلٌ لمصاعِبِهم، وتفريجٌ لكُرُباتِهم. نَفْعٌ للقريب ونفعٌ للبعيد. مُحْسِنٌ لا يرى في طريقِ النَّفِعِ باباً إلا وَلَجَة. قال تعالى ثم تولى إلى الظل معنى تولى في الآية - موقع محتويات. «كُلُّ سُلامَى مِنَ النَّاسِ عليه صَدَقَةٌ، كُلَّ يَومٍ تَطْلُعُ فيه الشَّمْسُ، يَعْدِلُ بيْنَ الِاثْنَيْنِ صَدَقَةٌ، ويُعِينُ الرَّجُلَ علَى دابَّتِهِ فَيَحْمِلُ عليها، أوْ يَرْفَعُ عليها مَتاعَهُ صَدَقَةٌ، والكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ، وكُلُّ خُطْوَةٍ يَخْطُوها إلى الصَّلاةِ صَدَقَةٌ، ويُمِيطُ الأذَى عَنِ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ» متفق عليه لَمْ يَـحْتَقِرْ في سبيل النفعِ معروفاً وإن صَغُر، ولم يترُك في مجالِ البذلِ خيراً وإن حُقِرْ. أبوابٌ من الخيرِ شتى. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تَحقِرَنَّ مِنَ المَعْرُوف شَيْئًا، وَلَو أنْ تَلقَى أخَاكَ بوجهٍ طليقٍ) رواه مسلم يبذل المعروفَ صافٍ كالزلال.. ليس بالمنانِ كلا، ليس يؤذيْ مَنْ وَصَل، نَفْعُهُ نفعٌ عريضٌ، قد كساه بالجلال.
اللهم هون برد الشتاء, 2024