drivingchallenge.com

تغريبة القوافل والمطر - محمد الثبيتي - الديوان

June 2, 2024, 4:24 pm

العلاقة الثنائية المتخيلة بين ما فى الكأس وما فى الوطن هى علاقة تقوم على ما يرتضيه الإنسان المحب لنفسه.. ليس الغرض منها الذهاب بالعقل «والوطن يستحق» ولا الغياب عن الواقع.. لكن العلاقة بينهما تقوم على النشوى والارتواء والوجد.. العلاقة الجمالية بينهما موجودة داخل إطار الكأس الممتلئة بالوطن الذى يأخذ اللون المتمنى والرائحة المشتهاة. بنى محمد الثبيتى قصيدته على جمل شعرية منها «أدر مهجة الصبح»، والتى كانت أكثر الجمل دائرية فى القصيدة، ومثلت المرتكز المرئى للعناصر الشعرية.. وقد تكررت تقريبا كلما حاول أن يبدأ من جديد.. أو أن يعيد بناء شىء من عالمه المتخيل. كذلك جملة «يا كاهن الحى».. سيد البيد.. أدِرْ مُهجة الصبح | موقع الشاعر محمد الثبيتي. كاهن ونداء ما الذى يجمع بينهما فى رؤية واحدة ؟.. هل هو رمز دينى يضفى على القصيدة نوعا من القداسة والحكمة.. ويريد أن ينطقه بحقائق تحتاجها القصيدة.. «أيا كاهن الحى/ هل فى كتابك من نبأ القوم إذ عطلوا/ البيد واتبعوا نجمة الصبح/ مروا خفافا على الرمل/ ينتعلون الوجى.. والمدى غربة ومطر» كاهن الحى الذى يستنجد به الشاعر كى يهبه هزيعا من الليل والوطن المنتظر.. الكاهن بكلامه المسجوع الذى يشبه نوعا ما صوت الشاعر.. يملك الذكريات القديمة ويتنبأ بما هو آت.. إذن كاهن الحى هو غاية هذه التغريبة التى يسعى فيها الشاعر وكله أمل فى الوصول.

تغريبة القوافل والمطر - محمد الثبيتي - الديوان

في زمن غياب الشعر الحقيقي يموت فكر التنوير ويصاب العقل بالضمور وتشيع ممارسات التسطيح، الأمر الذي يفرض نمطًا سلبيًا لآلية التفكير التي يكون مُخرجها تدني مستوى الذائقة الشعرية، وخفوت الحس المرهف. إن وجود الشاعر أصبح عملة نادرة نظير المعايير الصارمة التي أبرزها الجمع بين الشاعرية الصافية والثقافة الماتعة؛ لكي يضطلع بدوره الريادي في الارتقاء بمشاعر الرقة والعذوبة. يرقد سيد البيد – وسيد البيد لمن لا يعرفه هو الشاعر الكبير: محمد الثبيتي – منذ أمدٍ غير طويل على السرير الأبيض في اختبار– نحمد الله عليه – يرقد وهو حاضر جسدًا على سريره، وروحًا في قلوب مُحبيه الذين يتألمون لألمه، وينتظرون الساعة التي يفيق فيها ليحكي لهم – شعرًا – ينفث من خلاله مرارة الجحود ونشتّمُ منه رائحة النكران الكريهة ونستشعر معه ألم النسيان الذي زاد ألمه ألمًا أشد وأمضى. وكان الكأس مجراها اليمينا - أخبار السعودية | صحيفة عكاظ. نعم أبا يوسف لقد استشرفت مكانك عندما وصفت ذات يوم بسمتك المرسومة على شفتيك بالعطشى، وكأنك تقول لنا هاأنذا عطشان احتاج إلى تقريب نبضات المسافات لتُعضِّد نبضات قلبي الموسوم بوردي العبارات، والذي ناشدته في – الأسئلة – أن يستريح لكي تُفرِغ الكأس بين ناريك. يلتحف سيد البيد البياض – كما هي سريرته – بعد أن لوى عنق النقد إعجابًا قبل مشتغليه، وأشعل بورصة الربح الحقيقي بين مُحبيه من الخليج إلى المحيط دون أن يُسوِّق لبضاعته المُزجاة، مُتكئًا على مستوى الذائقية الرفيعة في أسلوب العرض والطلب.

وكان الكأس مجراها اليمينا - أخبار السعودية | صحيفة عكاظ

• لا، فَالذي عَتَّقتهُ رمالُ الجزيرةِ واستودعتْهُ بكارتها يرِدُ الماءَ يا وارد الماء عِلّ المطايا وصُبَّ لنا وطناً في عيونِ الصبايا فما زالَ في الغيبِ مُنتجعٌ للشقاء وفي الريحِ من تعبِ الرَّاحلينَ بقايا إذا ما اصْطَبَحْنَا بشمسٍ مُعتَّقةٍ وسكرنا برائحة الأرض وهي تفورُ بزيتِ القناديلِ يا أرضُ كفِّي دماً مُشرَباً بالثآليلِ يا نَخلُ أَدْرِكْ بنا أول الليلِ ها نحن في كبدِ التيهِ نَقْضِي النوافلَ ها نحن نكتبُ تحتَ الثرى مطراً وقوافلَ يا كاهن الحيِّ طالَ النوى كلَّما هَلَّ نجمٌ ثَنَينَا رقابَ المَطيِّ لِتَقْرأَ يا كاهنَ الحيِّ فَرَتِّلْ عَلَينَا هَزِيعاً مِنَ اللَّيلِ والوطَنِ المُنْتَظَرْ. من ديوان: التضاريس

سيد البيد.. أدِرْ مُهجة الصبح | موقع الشاعر محمد الثبيتي

عندما بدأت بالبحث عن اضطراب كرب ما بعد الصدمة حسب التعبير الاصطلاحي في المعاجم النفسية، قادني البحث إلى دهاليز مؤلمة ولكنها مغرية للقراءة وتحديدًا تلك التي تتحدث عن مذكرات الحرب، لأن اضطراب ما بعد الصدمة ولد مع الحروب: العالمية الأولى والثانية، والحرب الفيتنامية وحربي الخليج. والحرب هي دراما في الميدان وخارجه، الجندي يركض في ساحات المعركة والشاعر أو الكاتب يسجل بطولاته أو يتحدث عن مشاعره، والمتتبع لشعر أو روايات الحروب يجد أنها تغيرت مع الوقت من تمجيد أسباب المعركة إلى الحديث عن معاناة الجندي وآلامه وفي هذه النقطة أسهب المؤرخ المعروف Yuval Noah Harari في كتابه Homo Deus. الحديث عن الحرب حسب رواية مراسل الحرب أو الجندي في الميدان تنقل صورة مباشرة للجرح وهو ينزف وللرعب عندما يشل أقدام المدافعين عن أرض أو المهاجمين على مدينة، لأن الرماح -تاريخيًا- آو الرصاص قد يطرق صدور الجنود دون استثناء ودون تفريق بين الخاسر والرابح. في ١٩٤٠ رسم فنان الحروب توماس لي لوحة بعنوان نظرة الألف ياردة ، اللوحة التي تعكس ذلك الخدر العظيم للجنود وشعورهم بالانفصال التام عن ما يحدث حولهم وكأنهم غرقى في أنفسهم ولا خيانة مدينة!

ومثلت قصائد الثبيتي وأهمها (التضاريس)، (تغريبة القوافل والمطر)، (موقف الرمل)، (الجناس)، (وضّاح)، و(بوابة الريح)، مشاهـد حـداثية مـتـطـورة، مشوبة أحياناً بنكهة اللغة البدوية، أو سمات الصحراء. ويفسر البعض نجاح قصائد الثبـيـتي بقدرتها على المزج العجيب ما بين لغة الإنشاد وجماليّته، وبين الخيال الصوفي والاتكاء على استحضار أسطورة.

اللهم هون برد الشتاء, 2024

[email protected]