drivingchallenge.com

لا يحب الله الجهر بالسوء

May 20, 2024, 11:32 am

وصيغة { لا يحبّ} ، بحسب قواعد الأصول ، صيغة نفي الإذن. والأصل فيه التحريم. وهذا المراد هنا؛ لأنّ { لا يحبّ} يفيد معنى يكره ، وهو يرجع إلى معنى النهي. وفي «صحيح مسلم» عن أبي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إنّ الله يرضى لكم ثلاثاً ويكره لكم ثلاثاً إلى قوله ويكره لكم قِيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال ". فهذه أمور ثلاثة أكثر أحوالها مُحرّم أو مكروه. لا يحب الله الجهر بالسوء اعراب. والمراد بالجهر ما يبلغ إلى أسماع الناس إذ ليس السرّ بالقول في نفس الناطق ممّا ينشأ عنه ضرّ. وتقييده بالقول لأنَّه أضعف أنواع الأذى فيعلم أنّ السوء من الفعل أشدّ تحريماً. واستثنى { مَن ظُلم} فرَخَّص له الجهرَ بالسوء من القول. والمستثنى منه هو فاعلُ المصدر المقدّر الواقع في سياق النفي ، المفيد للعموم ، إذ التقدير: لا يحبّ الله جَهْر أحد بالسوء ، أو يكون المستثنى مضافاً محذوفاً ، أي: إلاّ جَهْرَ من ظلم ، والمقصود ظاهر ، وقد قضي في الكلام حقّ الإيجاز. ورخَّص الله للمظلوم الجهر بالقول السيّىء ليشفي غضبه ، حتّى لا يثوب إلى السيف أو إلى البَطش باليد ، ففي هذا الإذن توسعة على من لا يمسك نفسه عند لحاق الظلم به ، والمقصود من هذا هو الاحتراس في حكم { لا يحبّ الله الجهر بالسوء من القول}.

اعراب لا يحب الله الجهر بالسوء الا من ظلم

‏ ويدل مفهومها أنه يحب الحسن من القول كالذكر والكلام الطيب اللين‏. ‏ وقوله‏:‏ ‏{‏إِلَّا مَن ظُلِمَ‏}‏ أي‏:‏ فإنه يجوز له أن يدعو على من ظلمه ويتشكى منه، ويجهر بالسوء لمن جهر له به، من غير أن يكذب عليه ولا يزيد على مظلمته، ولا يتعدى بشتمه غير ظالمه، ومع ذلك فعفوه وعـدم مقابلته أولى، كما قـال تعالى‏:‏ ‏{‏فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ‏}‏ ‏{‏وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا‏}‏ ولما كانت الآية قد اشتملت على الكلام السيئ والحسن والمباح، أخبر تعالى أنه ‏{‏سميع‏}‏ فيسمع أقوالكم، فاحذروا أن تتكلموا بما يغضب ربكم فيعاقبكم على ذلك‏. اعراب لا يحب الله الجهر بالسوء الا من ظلم. ‏ وفيه أيضًا ترغيب على القول الحسن‏. ‏ ‏{‏عَلِيمٌ‏}‏ بنياتكم ومصدر أقوالكم‏. ‏ ثم قال تعالى‏:‏ ‏{‏إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ‏}‏ وهذا يشمل كل خير قوليّ وفعليّ، ظاهر وباطن، من واجب ومستحب‏. ‏ ‏{‏أَوْ تَعْفُوا عَن سُوءٍ‏}‏ أي‏:‏ عمن ساءكم في أبدًانكم وأموالكم وأعراضكم، فتسمحوا عنه، فإن الجزاء من جنس العمل‏. ‏ فمن عفا لله عفا الله عنه، ومن أحسن أحسن الله إليه، فلهذا قال‏:‏ ‏{‏فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا‏}‏ أي‏:‏ يعفو عن زلات عباده وذنوبهم العظيمة فيسدل عليهم ستره، ثم يعاملهم بعفوه التام الصادر عن قدرته‏.

لا يحب الله الجهر بالسوء من القول

عندئذ يشيع الخير في المجتمع المسلم إذا أبدوه. ويؤدي دوره في تربية النفوس وتزكيتها إذا أخفوه-فالخير طيب في السر طيب في العلن-وعندئذ يشيع العفو بين الناس، فلا يكون للجهر بالسوء مجال. مفتي الجمهورية يحدد 3 شروط للتوبة الحقيقة. على أن يكون عفو القادر الذي يصدر عن سماحة النفس لا عن مذلة العجز وعلى أن يكون تخلقا بأخلاق اللّه ، الذي يقدر ويعفو: {فَإِنَّ اللَّهَ كانَ عَفُوًّا قَدِيراً} [النساء:148]. [في ظلال القرآن لسيد قطب ( ج 2 -ص: 796-797)] (بتصرف)

والجَوابُ: المَحَبَّةُ عِنْدَنا عِبارَةٌ عَنْ إعْطاءِ الثَّوابِ عَلى الفِعْلِ، وعَلى هَذا الوَجْهِ يَصِحُّ أنْ يُقالَ: إنَّهُ تَعالى أرادَهُ ولَكِنَّهُ ما أحَبَّهُ واللَّهُ أعْلَمُ. المَسْألَةُ الثّالِثَةُ: قالَ أهْلُ العِلْمِ: إنَّهُ تَعالى لا يُحِبُّ الجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ القَوْلِ، ولا غَيْرَ الجَهْرِ أيْضًا، ولَكِنَّهُ تَعالى إنَّما ذَكَرَ هَذا الوَصْفَ لِأنَّ كَيْفِيَّتَهُ الواقِعَةَ أوْجَبَتْ ذَلِكَ كَقَوْلِهِ: ﴿إذا ضَرَبْتُمْ في سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا﴾ [النِّساءِ: ٩٤] والتَّبَيُّنُ واجِبٌ في الطَّعْنِ والإقامَةِ، فَكَذا هَهُنا. المَسْألَةُ الرّابِعَةُ: في قَوْلِهِ: ﴿إلّا مَن ظُلِمَ﴾ قَوْلانِ، وذَلِكَ لِأنَّهُ إمّا أنْ يَكُونَ اسْتِثْناءً مُنْقَطِعًا أوْ مُتَّصِلًا. القَوْلُ الأوَّلُ: إنَّهُ اسْتِثْناءٌ مُتَّصِلٌ، وعَلى هَذا التَّقْدِيرِ فَفِيهِ وجْهانِ: الأوَّلُ: قالَ أبُو عُبَيْدَةَ هَذا مِن بابِ حَذْفِ المُضافِ عَلى تَقْدِيرِ: إلّا جَهْرَ مَن ظُلِمَ. تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٥ - الصفحة ١٢٣. ثُمَّ حُذِفَ المُضافُ وأُقِيمَ المُضافُ إلَيْهِ مَقامَهُ. الثّانِي: قالَ الزَّجّاجُ: المَصْدَرُ هَهُنا أُقِيمَ مَقامَ الفاعِلِ، والتَّقْدِيرُ: لا يُحِبُّ اللَّهُ المُجاهِرَ بِالسُّوءِ إلّا مَن ظُلِمَ.

اللهم هون برد الشتاء, 2024

[email protected]